أخر المقالات
إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بــريدك الإلكترونى فى أمان معنا

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص دينية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص دينية. إظهار كافة الرسائل

الزيارات:
محاولات آثمة لنبش قبر النبي ﷺ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
تذكر كتب التاريخ حوادث أربعة في محاولات نبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم، محاولتان تولَّى كِبرَهما بعضُ النصارى، والثالثة والرابعة باء بإثمهما الحاكم العبيدي الزنديق الذي ادعى الربوبية.
المحاولة الآثمة الأولى :
تبوأ إثمها ووزرها الحاكم العبيدي الزنديق: منصور بن نزار بن معد المصري الإسماعيلي المدعي الربوبية، قال فيه الذهبي "سير أعلام النبلاء (15/174).
كان شيطانا مريدا جبارا عنيدا، كثير التلون، سفاكا للدماء، خبيث النِّحلة، عظيم المكر، له شأن عجيب، ونبأ غريب، كان فرعون زمانه، أمر بسب الصحابة رضي الله عنهم، وبكتابة ذلك على أبواب المساجد والشوارع " انتهى باختصار.
وقال السمهودي في "وفاء الوفا" (2/652)
وقد وقع بعد الأربعمائة من الهجرة ما نقله الزين المراغي عن "تاريخ بغداد" لابن النجار قال:
عن أبي القاسم عبد الحليم بن محمد المغربي : ( أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي صاحب مصر بنقل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من المدينة إلى مصر، وزين له ذلك.
وقال: متى تم لك ذلك شد الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر، وكانت منقبة لسكانها.
فاجتهد الحاكم في ذلك، وأعد مكاناً، أنفق عليه مالا جزيلا. قال : وبعث أبا الفتوح لنبش الموضع الشريف، فلما وصل إلى المدينة الشريفة وجلس بها حضر جماعة المدنيين وقد علموا ماجاء فيه، وحضر معهم قارئ يعرف بـ " الزلباني"، فقرأ في المجلس : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ * أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) التوبة/12، 13
فماج الناس، وكادوا يقتلون أبا الفتوح ومن معه من الجند، ولما رأى أبو الفتوح ذلك قال لهم :
الله أحق أن يخشى، والله لو كان علي من الحاكم فوات الروح ما تعرضت للموضع، وحصل له من ضيق الصدر ما أزعجه كيف نهض في مثل هذه المخزية
فما انصرف النهار ذلك اليوم حتى أرسل الله ريحاً كادت الأرض تزلزل من قوتها، حتى دحرجت الإبل بأقتابها، والخيل بسروجها كما تدحرج الكرة على وجه الأرض، وهلك أكثرها وخَلْقٌ من الناس، فانشرح صدر أبي الفتوح، وذهب روعه من الحاكم لقيام عذره من امتناع ما جاء فيه "
انتهى بتصرف

المحاولة الآثمة الثانية :
ويبدو أنها محاولة ثانية من الحاكم العبيدي أيضاً ، ينقلها أيضا السمهودي في "وفاء الوفا" (2/653) فيقول :
ونقل ابن عذرة في كتاب "تأسي أهل الإيمان فيما جرى على مدينة القيروان" لابن سعدون القيرواني ما لفظه :
( ثم أرسل الحاكم بأمر الله إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم من ينبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل الذي أراد نبشه داراً بقرب المسجد، وحفر تحت الأرض ليصل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فرأوا أنوارا، وسُمِعَ صائح : إن نبيكم ينبش، ففتش الناس، فوجدوهم، وقتلوهم " انتهى

المحاولة الآثمة الثالثة :
وقعت سنة (557هـ) في عهد السطان الملك العادل نور الدين زنكي رحمه الله، وكان الذي تولى كبرها النصارى
رأى السلطان نور الدين رحمه الله في نومه النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول : أنجدني، أنقذني من هذين.
فاستيقظ فزعاً، ثم توضأ وصلى ونام، فرأم المنام بعينه ،فاستيقظ وصلى ونام، فرآه أيضا مرة ثالثة.
فاستيقظ وقال : لم يبق نوم.
وكان له وزير من الصالحين يقال له جمال الدين الموصلي، فأرسل إليه، وحكى له ما وقع له، فقال له : وما قعودك ؟ اخرج الآن إلى المدينة النبوية، واكتم ما رأيت.
فتجهزفي بقية ليلته، وخرج إلى المدينة، وفي صحبته الوزير جمال الدين.
فقال الوزير: وقد اجتمع أهل المدينة في المسجد: إن السلطان قصد زيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وأحضر معه أموالاً للصدقة، فاكتبوا من عندكم.
فكتبوا أهل المدينة كلهم، وأمر السلطان بحضورهم.
وكل من حضر يأخذ يتأمله ليجد فيه الصفة التي أراها النبي صلى الله عليه وسلم له فلا يجد تلك الصفة، فيعطيه ويأمره بالانصراف، إلى أن انفضت الناس.
فقال السلطان: هل بقي أحد لم يأخذ شيئا من الصدقة ؟
قالوا: لا .
فقال: تفكروا وتأملوا.
فقالوا: لم يبق أحد إلا رجلين مغربيين لا يتناولان من أحد شيئاً، وهما صالحان غنيان يكثران الصدقة على المحاويج.
فانشرح صدره وقال: عليّ بهما.
فأُتي بهما فرآهما الرجلين اللذين أشار النبي صلى الله عليه وسلم إليهما بقوله: أنجدني أنقذني من هذين
فقال لهما: من أين أنتما ؟
فقالا: من بلاد المغرب، جئنا حاجين، فاخترنا المجاورة في هذا المقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: اصدقاني، فصمما على ذلك.
فقال: أين منزلهما ؟
فأخبر بأنهما في رباط بقرب الحجرة الشريفة.
وأثنى عليهما أهل المدينة بكثرة الصيام والصدقة، وزيارة البقيع وقباء، فأمسكهما وحضر إلى منزلهما، وبقي السلطان يطوف في البيت بنفسه، فرفع حصيراً في البيت، فرأى سرداباً محفوراً ينتهي إلى صوب الحجرة الشريفة، فارتاعت الناس لذلك.
وقال السلطان عند ذلك: اصدقاني حالكما ! وضربهما ضربًا شديدًا، فاعترفا بأنهما نصرانيان، بعثهما النصارى في حجاج المغاربة، وأعطوهما أموالاً عظيمة، وأمروهما بالتحيل لسرقة جسد النبي صلى الله عليه وسلم، وكانا يحفران ليلاً، ولكل منهما محفظة جلد على زي المغاربة، والذي يجتمع من التراب يجعله كل منهما في محفظته، ويخرجان لإظهار زيارة البقيع فيلقيانه بين القبور، وأقاما على ذلك مدة، فلما قربا من الحجرة الشريفة أرعدت السماء وأبرقت، وحصل رجيف عظيم بحيث خيل انقلاعتلك الجبال، فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة.

فلما اعترفا، وظهر حالهما على يديه، ورأى تأهيل الله له لذلك دون غيره، بكى بكاءً شديداً، وأمر بضرب رقابهما، ثم أمر بإحضار رصاص عظيم، وحفر خندقاً عظيماً حول الحجرة الشريفة كلها، وأذيب ذلك الرصاص، وملأ به الخندق، فصار حول الحجرة الشريفة سورٌ رصاصٌ، ثم عاد إلى ملكه، وأمر بإضعاف النصارى، وأمر أن لا يستعمل كافر في عمل من الأعمال.
ذكر هذه الحادثة جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الأسنوي (ت 772هـ) في رسالة له اسمها : "نصيحة أولي الألباب في منع استخدام النصارى"
ويسميها بعضهم بـ "الانتصارات الإسلامية "، نقلها عنه علي بن عبد الله السمهودي (ت 911هـ) في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى " (2/648-650)
وذكرها الحافظ جمال الدين عبدالله بن محمد بن أحمد المطري (ت 765هـ)، وكان رئيس المؤذنين في الحرم النبوي ، وهومؤرخ، له كتاب " الإعلام فيمن دخل المدينة من الأعلام " قال : " سمعتها من الفقيه علم الدين يعقوب بن أبي بكر عمن حدثه من أكابر من أدرك، أن السلطان محموداً...وذكر القصة بنحو ما سبق مع اختلاف يسير
نقلا عن "وفاء الوفا" (2/650)

المحاولة الآثمة الرابعة :
يحدثنا عن هذه المحاولة العلامة الرحالة ابن جبير أبو الحسين محمد بن أحمد، المتوفى سنة (614هـ) ، يذكرها في "رحلته" في أحداث سنة (578هـ) (ص/34-35)، وذلك بعد وصوله إلى الإسكندرية، حيث قال:
لما حللنا الإسكندرية في الشهر المؤرخ أولا – يعني ذي القعدة - ، عاينَّا مجتمعا من الناس عظيما بروزالمعاينة أسرى من الروم أدخلوا البلد راكبين على الجمال، ووجوههم إلى أذنابها وحولهم الطبول والأبواق، فسألنا عن قصتهم، فأخبرنا بأمر تتفطر له الأكباد إشفاقًا وجزعًا :

وذلك أن جملة من نصارى الشام اجتمعوا وأنشأوا مراكب في أقرب المواضع التي لهم من بحر القلزم – البحر الأحمر -، ثم حملوا أنقاضها على جمال العرب المجاورين لهم بِكِراء – أي بأجرة - اتفقوا معهم عليه، فلما حصلوا بساحل البحر سمروا مراكبهم، وأكملوا إنشاءها وتأليفها، ودفعوها في البحر، وركبوها قاطعين بالحجاج، وانتهوا إلى بحر النعم، فأحرقوا فيه نحو ستة عشر مركبا، وانتهوا " عيذاب " – اسم مكان - فأخذوا فيها مركبا كان يأتي بالحجاج من جدة، وأخذوا أيضا في البر قافلة كبيرة تأتي من قوص " عيذاب "، وقتلوا الجميع ولم يحيوا أحدا، وأخذوا مركبين كانا مقبلين بتجار من اليمن، وأحرقوا أطعمة كثيرة على ذلك الساحل كانت معدة لميرة مكة والمدينة أعزهما الله، وأحدثوا حوادث شنيعة لم يسمع مثلها في الإسلام ولا انتهى رومي ذلك الموضع قط.
ومن أعظمها حادثة تسد المسامع شناعة وبشاعة، وذلك أنهم كانوا عازمين على دخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإخراجه من الضريح المقدس
أشاعوا ذلك وأجروا ذكره على ألسنتهم، فأخذهم الله باجترائهم عليه، وتعاطيهم ما تَحُولُ عنايةُ القدرِ بينهم وبينه، ولم يكن بينهم وبين المدينة أكثر من مسيرة يوم، فدفع الله عاديتهم بمراكب مرت من مصر والإسكندرية، دخل فيها الحاجب المعروف بلؤلؤ مع أنجاد المغربة البحريين، فلحقوا العدو وهو قد قارب النجاة بنفسه فأخذوا عن آخرهم، وكانت آية من آيات العنايات الجبارية، وأدركوهم عن مدة طويلة كانت بينهم من الزمان، نيف على شهر ونصف أو حوله، وقتلوا وأسروا، وفرق من الأسارى على البلاد ليقتلوا بها، ووجه منهم مكة والمدينة، وكفى الله بجميل صنعه الإسلام والمسلمين أمرا عظيما، والحمد لله رب العالمين " انتهى

فهذه هي المحاولات التي وقفنا عليها، والله تعالى حافظ جسد نبيه صلى الله عليه وسلم من أن تصل إليه أيدي أعدائه بسوء، وللمزيد حول هذا الموضوع يراجع كتاب "القبة الخضراء ومحاولات سرقة الجسد الشريف" لمحمد علي قطب، الدار الثقافية

الزيارات:
وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا

إن الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستغفره و نعود بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مظل له و من يظلل فلن تجد له ولياً مرشدا، و أشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده و رسوله صلى الله عليه وسلم و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
قصة التحريم في تفسير القرطبي وابن كتير
قال تعالى في سورة التحريم
﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)﴾

سبب نزول الآية الأولى من سورة التحريم وهي قوله تعالى: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، وقد وردت في هده الآية عدة تفسيرات نسأل من الله تعالى ان لا نخطأ فيها ومن هذه التفسيرات:
ما روي بأن زوجة الرسول -عليه الصلاة والسلام- قد أذنت منه الذهاب إلى بيت والدها للاطمئنان عليه فسمح لها الرسول -عليه السلام- بذلك، وعندها بعث -عليه السلام- إلى جاريته مارية وهو في دار حفصة، وعندما رجعت حفصة إلى دارها ووجدت مارية مع الرسول ولم يكن يومها، فانزعجت مما رأت وظنت بأن الرسول -عليه السلام- فعل ذلك لهوان أمرها وشأنها عنده، كما قد أخبرته بأنها ستطلع زوجته عائشة على ما فعل، فخاف الرسول -عليه السلام- من انزعاج واستياء عائشة مما فعل، وطلب من حفصة عدم إطلاع عائشة على ما حصل، ثم حلف لها بعدم اقترابه أو اختلائه بماريه القبطية بعد ما جرى، إلا أن حفصة أطلعت عائشة على الأمر، مما تسبب بانزعاج الرسول واستيائه من ذلك واعتزاله عن نسائه ل29 يوماً، فكان نزول الآية لتحريم رسول الله -عليه السلام- جاريته مارية وهي حلال عليه لإرضاء زوجاته.

وفي رواية اخرى أن الرسول -عليه السلام- كان يزور جميع زوجاته تباعاً بعد انقضائه من صلاة العصر، فبعدما دخل دار حفصة بنت عمر أطال المقام عندها على غير المعتاد، فأرسلت عائشة إحدى جارياتها إلى بيت حفصة لمعرفة سبب تأخر الرسول في بيت حفصة، فأخبرتها جاريتها بأن الرسول -عليه السلام- يشرب العسل عندها لذلك أطال المقام عندها، وعندها اتفقت عائشة مع باقي زوجات الرسول على التظاهر بالنفور من رائحة فم الرسول لتناوله طعام كريه الرائحة، حيث كلما كان يدخل دار واحدة منهن كن يسألنه عن سبب الرائحة الكريهة المنبعثة من فمه، فكان يقول -عليه السلام- بأنه تناول العسل لدى حفصة، ثم حلف ألا يعود لتناوله من بيت حفصة من جديد، وبهذا كان سبب نزول الآية في تحريم رسول الله -عليه السلام- ما أحلّه الله تعالى من الطعام والشراب الحلال من أجل مرضاة زوجاته.
في تفسير القرطبي
قوله تعالى :﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ﴾ أي واذكر إذ أسر النبي إلى حفصة حديثا يعني تحريم مارية على نفسه واستكتامه إياها ذلك.
وقال الكلبي : أسر إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي ; وقاله ابن عباس . قال : أسر أمر الخلافة بعده إلى حفصة فذكرته حفصة.
روى الدارقطني في سننه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ﴾ قال : اطلعت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أم إبراهيم فقال : " لا تخبري عائشة " وقال لها : " إن أباك وأباها سيملكان أو سيليان بعدي فلا تخبري عائشة " قال : فانطلقت حفصة فأخبرت عائشة فأظهره الله عليه، فعرف بعضه وأعرض عن بعض. قال أعرض عن قوله : " إن أباك وأباها يكونان بعدي "، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينشر ذلك في الناس.
﴿ فلما نبأت به ﴾ أي أخبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما، وكانتا متظاهرتين على نساء النبي صلى الله عليه وسلم،﴿ وأظهره الله عليه ﴾ أي أطلعه الله على أنها قد نبأت به، وقرأ طلحة بن مصرف ﴿ فلما أنبأت ﴾ وهما لغتان : أنبأ ونبأ .
ومعنى عرف بعضه وأعرض عن بعض عرف حفصة بعض ما أوحي إليه من أنها أخبرت عائشة بما نهاها عن أن تخبرها، وأعرض عن بعض تكرما; قاله السدي.
وقال الحسن : ما استقصى كريم قط، قال الله تعالى :﴿ عرف بعضه وأعرض عن بعض ﴾. وقال مقاتل : يعني أخبرها ببعض ما قالت لعائشة، وهو حديث أم ولده ولم يخبرها ببعض وهو قول حفصة لعائشة : إن أبا بكر وعمر سيملكان بعده. وقراءة العامة عرف مشددا، ومعناه ما ذكرناه. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، يدل عليه قوله تعالى : ﴿ وأعرض عن بعض ﴾ أي لم يعرفها إياه، ولو كانت مخففة لقال في ضده وأنكر بعضا. وقرأ علي وطلحة بن مصرف وأبو عبد الرحمن السلمي والحسن وقتادة والكلبي والكسائي والأعمش عن أبي بكر " عرف " مخففة. قال عطاء : كان أبو عبد الرحمن السلمي إذا قرأ عليه الرجل عرف مشددة حصبه بالحجارة. قال الفراء : وتأويل قوله عز وجل :﴿ عرف بعضه ﴾ بالتخفيف، أي غضب فيه وجازى عليه; وهو كقولك لمن أساء إليك : لأعرفن لك ما فعلت، أي لأجازينك عليه، وجازاها النبي صلى الله عليه وسلم بأن طلقها طلقة واحدة، فقال عمر : لو كان في آل الخطاب خير لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك. فأمره جبريل بمراجعتها وشفع فيها، واعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا، وقعد في مشربة مارية أم إبراهيم حتى نزلت آية التحريم على ما تقدم، وقيل : هم بطلاقها حتى قال له جبريل : " لا تطلقها فإنها صوامة قوامة ، وإنها من نسائك في الجنة " فلم يطلقها .
﴿ فلما نبأها به ﴾ أي أخبر حفصة بما أظهره الله عليه.
قالت من أنبأك هذا يا رسول الله عني، فظنت أن عائشة أخبرته، فقال عليه السلام : نبأني العليم الخبير أي الذي لا يخفى عليه شيء.
وهذا سد مسد مفعولي " أنبأ " و " نبأ " الأول تعدى إلى مفعولين، و " نبأ " الثاني تعدى إلى مفعول واحد، لأن نبأ وأنبأ إذا لم يدخلا على المبتدأ والخبر جاز أن يكتفى فيهما بمفعول واحد وبمفعولين، فإذا دخلا على الابتداء والخبر تعدى كل واحد منهما إلى ثلاثة مفاعيل، ولم يجز الاقتصار على الاثنين دون الثالث، لأن الثالث هو خبر المبتدأ في الأصل فلا يقتصر دونه، كما لا يقتصر على المبتدأ دون الخبر.

في تفسير ابن كثير
﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ﴾ لقوله "بل شربت عسلا" وقال إبراهيم بن موسى عن هشام "ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا" وهكذا رواه في كتاب الطلاق بهذا الإسناد ولفظه قريب منه.
ثم قال المغافير شبيه بالصمغ يكون في الرمث فيه حلاوة أغفر الرمث إذا ظهر فيه واحدها مغفور ويقال مغافير وهكذا قال الجوهري قال وقد يكون المغفور أيضا للعشر والثمام والسلم والطلح قال والرمث بالكسر مرعى من مراعي الإبل وهو من الحمض قال والعرفط شجر من العظاة ينضح المغفور.
وقد روى مسلم هذا الحديث في كتاب الطلاق من صحيحه عن محمد بن حاتم عن حجاج عن ابن جريج أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة به ولفظه كما أورده البخاري فى الأيمان والنذور ثم قال البخاري في كتاب الطلاق ثنا فروة بن أبي المغراء ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس فغرت فسألت عن ذلك فقيل لي أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة فقلت أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة إنه سيدنو منك فإذا دنا منك فقولي أكلت مغافير فإنه سيقول لك لا فقولي له ما هذه الريح التي أجد فإنه سيقول لك سقتني حفصة شربة عسل فقولي جرست نحله العرفط وسأقول ذلك وقولي له أنت يا صفية ذلك قالت تقول سودة فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقا منك فلما دنا منها قالت له سودة يا رسول الله أكلت مغافير؟ قال "لا" قالت فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال "سقتني حفصة شربة عسل" قالت جرست نحله العرفط فلما دار إلي قلت نحو ذلك فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت له يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال "لا حاجة لي فيه" قالت تقول سودة والله لقد حرمناه قلت لها اسكتي هذا لفظ البخاري.
وقد رواه مسلم عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر به وعن أبي كريب وهارون بن عبدالله والحسن بن بشر ثلاثتهم عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة به وعنده : قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح يعني الريح الخبيثة ولهذا قلن له أكلت مغافير لأن ريحها فيه شيء فلما قال "بل شربت عسلا" قلن جرست نحله العرفط أي رعت نحله شجر العرفط الذي صمغه المغافير فلهذا ظهر ريحه في العسل الذي شربته قال الجوهري جرست النحل العرفط تجرس إذا أكلته ومنه قيل للنحل جوارس قال الشاعر:
 تظل على الثمراء منها جوارس
وقال الجرس والجرس الصوت الخفي ويقال سمعت جرس الطير إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله وفي الحديث "فيسمعون جرس طير الجنة" قال الأصمعي كنت في مجلس شعبة قال فيسمعون جرش طير الجنة بالشين فقلت جرس فنظر إلي فقال: خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منا.
والغرض أن هذا السياق فيه أن حفصة هي الساقية للعسل وهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن خالته عن عائشة وفي طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة أن زينب بنت جحش هي التي سقته العسل وأن عائشة وحفصة تواطأتا وتظاهرتا عليه فالله أعلم.
وقد يقال أنهما واقعتان ولا بعد في ذلك إلا أن كونهما سببا لنزول هذه الآية فيه نظر والله أعلم.

الزيارات:
الصحابي الذي شاهد المسيح الدجال

نادى منادي رسول الله عليه السلام :
الصلاه جامعه فخرج المسلمون الى المسجد وصلو مع رسول الله فلما قضى رسول الله صلاته جلس على المنبر وهو يضحك، فقال : ليلزم كل انسان مصلاه ثم قال اتدرون لم جمعتكم ؟
فقالو: الله ورسوله اعلم
قال: اني والله ما جمعتكم لرغبه ولا لرهبه ولكن جمعتكم لان تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع واسلم وحدثني حدثا وافق الذي كنت احدثكم عن المسيح الدجال، حدثني انه ركب سفينه بحريه مع ثلاثين من لحم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في اقرب السفينه فدخلو الجزيره فلقيتهم دابه اهلب (اي غليظه الشعر)كثيره الشعر لا يدرون قبله من دبره من كثره الشعر.
فقالو: ويلك ما انت ؟!
فقالت: انا الجساسه
قالوا: وما الجساسه ؟
قالت: ايها القوم ! انطلقو الى هذا الرجل في الدير فانه الى خبركم بالاشواق
فقال: لما سمًت لنا رجلا فرفنا منها (اي خفنا منها ) ان تكون شيطانه
قال: فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فاذا فيه اعظم انسان رايناه قط خلقا واشده وثاقا مجموعه يداه الى عنقه بين ركبتيه الى كعبيه بالحديد
قلنا: ويلك ! ما انت ؟
قال: قد قدرتم على خبري !فاخبروني ما انتم ؟
قالو: نحن اناس من العرب , ركبنا سفينه فصادفنا البحر حين اغتلم (اي هاج ) فلعب بنا الموج شهرا ثم ارفانا الى جزيرتك هذه فجلسنا في اقربها فدخلنا الجزيره فلقيتنا دابه اهلب كثيره الشعر ولا يدري ما قبله من دبره من كثره الشعر فقلنا ويلك ! ما انت ؟
فقالت: انا الجساسه
قلنا: وما الجساسه ؟
قالت: اعمدو هذا الرجل في الدير فانه خبركم بالاشواق فاقبلنا اليك سراعا وفزعنا منها ولم نامل ان تكون شيطانه ؟
فقال: اخبروني عن نخل بيسان (قريه بالشام)
قلنا:عن أي شانها تستخبر ؟
قال: هل في العين ماء ؟ وهل يزرع اهلها بماء العين ؟
قلنا له: نعم وهي كثيره الماء واهلها يزرعون بمائها
قال: اخبروني عن نبي الاميين مافعل ؟
قالو: قد خرج من مكه ونزل يثرب
قال: اقاتله العرب ؟
قلنا: نعم
قال: كيف صنع بهم ؟
فاخبرناه انه قد ظهر على من يليه من العرب واطاعوه
قال لهم: قد كان ذلك ؟
قلنا: نعم
قال: اما ان ذاك خير لهم ان يطيقوه ,واني لمخبركم عني اني انا المسيح ,واني اوشك انا يؤذن لي في الخروج ,فاخرج فاسير في الارض فلا ادع اهل قريه الا هبطتها في اربعين ليله ,غير مكه وطيبه فهما محرمتان علي كلتاهما كلما اردت ان ادخل واحده منها استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وان على كل نقب منها ملائكه يحرسونها

فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر : هذه طيبه !
هذه طيبه (يعني المدينه ) الا هل كنت حدثتكم ذلك ؟
فقال الناس: نعم
قال: اعجبني حديث تميم انه وافق الذي كنت احدتكم عنه
وعن المدينه ومكه :الا انه في بحر الشام او بحر اليمن
لا بل هو من قبل المشرق
ماهو من قبل المشرق
ما هو من قبل المشرق
وماهو اوما بيده الى المشرق

الزيارات:
كاتب الوحي الدي ارتد تم تاب

عبد الله ابن ابي السرح
كاتب الوحي الدي ارتد تم تاب
ذات يوم، كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ على المُسلمين مما أنزله الله من قرآن في سورة المؤمنون، وكان عبد الله بن أبى السرح يكتُب.
وعندما كان (صلى الله عليه وسلم) يتلوا آيات خلق الإنسان من سورة المؤمنون: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ... الآية﴾، قبل أن ينتهي (صلى الله عليه وسلم) من تلاوة نفس الآية، عِجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان فقال:" تبارك الله أحسن الخالقين".
سمعه النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال: أكتُبها، فهكذا أوحيت إلي. شك عبد الله في نبوة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).
خرج عبد الله ابن أبي السرح وقال: إن كان صادقاً، فقد أوحى إلي مثلما يوحى إليه، وإن كان كاذباً فإنما أقول مثلما يقول.
عاد بعد ذلك للمشركين من قريش وأعلن ردته.
أنزل الله فيه قوله تعالى:
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ الأنعام:93
في السنة الثامنة للهجرة، كان فتح مكة، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقتل أحد عشر شخصاً (ثمانية رجال و ثلاث نساء)، وهم من أشد من عادى الإسلام والمسلمين، حتى وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة، كان منهم عبد الله بن أبي السرح، وقد عفى عليه الصلاة والسلام عن بقية القوم: (اذهبوا، فأنتم الطلقاء).
يقول المغامسي: كان عبد الله بن أبى السرح شقيق عثمان بن عفان رضي الله عنه في الرضاعة، ولذلك رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يتشفع فيه عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وذلك بعد توبته وإنابته.
ذهب عثمان رضي الله عنه ومعه أخوه عبد الله ابن أبي السرح إلى مجلس رسول الله، فجاء به حتى أوقفه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟) فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال: (إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين).
 رواه أبو داوود والبيهقي.

الزيارات:
الحسنة بعشر أمثالها

مرضت فاطمة رضى الله عنها ذات يوم فجاء علي رضى الله عنه إلى منزلها فقال : يافاطمة مايريد قلبك من حلاوة الدنيا؟
فقالت : ياعلي أشتهي رماناً، فتفكر ساعة لأنه ماكان معه شيء، ثم قام و ذهب إلى السوق و اِستقرض درهماً و اشترى به رمانة، فرجع إليها فرأى شخص مريض مطروحاً على قارعة الطريق، فوقف علي فقال له : مايريد قلبك ياشيخ ؟
فقال : ياعلي خمسة أيام هنا و أنا مطروح ومر الناس عليّ و لم يلتفت أحد إليّ، يريد قلبي رماناً.
فتفكر في نفسه ساعة فقال لنفسه : اِشتريت رمانةً واحدة لأجل فاطمة، فإن أعطيتها لهذا السائل بقيت فاطمة محرومة، وإن لم أعطه خالفت قول الله تعالى ﴿وأما السائل فلا تنهر﴾ والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال : 'لاتردوا السائل ولو كان على فرس'
فكسر الرمانه فأطعم الشيخ , فعوفي في الساعة.
و جاء علي كرّم الله وجهه و هو مستحي، فلما رأته فاطمة رضى الله عنها قامت إليه وضمته إلى صدرها فقالت : أما إنك مغموم، فَـوعزة الله و جلاله إنك لما أطعمت ذلك الشيخ الرمانة زال عن قلبي إشتهاء الرمان. ففرح علي بكلامها، فأتى رجل فقرع الباب فقال علي عليه السلام من أنت ؟
فقال : أنا سلمان الفارسي، افتح الباب، فقام علي و فتح الباب و رأى سلمان الفارسي و بيده طبق مغطى رأسه بمنديل، فوضعه بين يديه فقال علي : ممن هذا ياسلمان ؟
فقال : من الله إلى رسوله، و من الرسول إليك.
فكشف الغطاء فإذا فيه تسع رمانات، فقال : ياسلمان لو كان هذا لي لكان عشراً لقوله تعالى : ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾.
فضحك سلمان فأخرج رمانة من كمه فوضعها في الطبق فقال : ياعلي و الله كانت عشراً و لكن أردت بذلك أن ازداد بك ايمانا.

الزيارات:
قصة بئر رومة

فى رواية للسمهودى فى كتاب "وفاء الوفا"، كان هناك يهوديا فى المدينة المنورة يدعى "رومة" يمتلك بئرا و يبيع للمسلمين الماء، فكان يتحكم فى البئر كما يشاء، و كانت آبار المدينة كلها تجف إلا هذا البئر (مازال هذا البئر موجودا إلى الآن). فذهب إليه سيدنا عثمان رضى الله عنه وقال له: أشترى منك البئر.
قال اليهودى: لا أبيع الماء للمسلمين.
ثم عرض عليه سيدنا عثمان أن يشترى نصف البئر – أى يوم ويوم فقال اليهودي: أبيعك نصف البئر.
فقال عثمان: اشتريت.
فقال اليهودى: بكم تشترى؟
فقال سيدنا عثمان: بمائة ألف.
فقال اليهودي: بعتك.
فقال عثمان: اشتريت.
فقال رومة: أستنصحك.. أالبئر خير أم المائة ألف.
فقال عثمان: البئر خير.
فظل "رومة" يزيد السعر حتى اشترى هذا البئر بألف ألف (قالوا كان كل مال عثمان).
فنادى عثمان فى المسلمين: نصف البئر لى، فمن أراد من المسلمين أن يأخذ منه فهو بلا شىء. فكان المسلمون يذهبون يأخذون ما يكفيهم من ماء ليومهم و لليوم التالى وهكذا لم يجد رومة من يبيعه ماءا.
أليست هذه مقاطعة؟؟؟ أليس ما فعله سيدنا عثمان هو أن جعل منتج "رومة" منتجه هو ؟؟؟
ثم أتى يوم، ووقف رومة يقول: أبيع الدلو بدرهم، و كان سيدنا نعيمان يجلس بجواره و معه أكثر من دلو مملوء بالماء، فيسكب دلوا على الأرض ويقول:"درهم كثير"
فيقول رومة: من يشترى بنصف درهم؟
فيأخذ نعيمان دلوا آخر ويسكبه ويقول: نصف درهم كثير
فيقول له رومة: بكم تشترى يا نعيمان؟
فيقول له: بتمرة.
يقول رومة: بعتك.
فيقول نعيمان: دعنى أفكر.
ثم أخذ دلوا و أراقه وقال: والله إن التمرة لكثيرة.
قال رومة: بكم تشترى؟
قال: لا أشترى.
قال رومة: تشترى بنواة علفا لدابتى؟.
فيذهب رومة إلى سيدنا عثمان فيقول: يا عثمان أتشترى منى النصف الثانى؟
قال عثمان: لا أشتريه، لا أحتاج إليه.
فيذهب رومة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له: أبهذا أرسلك ربك؟
فيقول النبى صلى الله عليه وسلم: من جار علينا نصرنا الله عليه... يا عثمان اشترى منه النصف الآخر.
فيقول عثمان: يا رسول الله أأمر أم كرامة؟
فيقول له النبى صلى الله عليه وسلم: بل كرامة يا عثمان.
فقال لرومة: بكم تبيع؟
فقال: اشتريت منى النصف بمائة ألف.
قال: نعم، و لكن هذا أشتريه بعشر.
فقال: اجعلها مائة.
قال: لا، عشر.
قال: بعتك، فأخرج عثمان عشر دنانير.
قال رومة: ما هذا؟
قال عثمان: قلت أشتريه بعشر دنانير.
قال رومة: ظننتك تقول بعشرة آلاف.
قال عثمان: كان هذا زمانا، أتريدها أم أدسها.
قال رومة: بل أبيع.
فيقول النبى صلى الله عليه وسلم: لا ضر عثمان بن عفان ما يفعل بعد هذا.
والله أعلم في هدا الحديث فهو مرفوع وأظن ان سنده ضعيف

وعن ابو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن حليم المروزي، أنبأ أبو الموجه : محمد بن عمرو الفزاري، أنبأ عبدان بن عثمان، أخبرني أبي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن : أن عثمان - رضي الله عنه - حيث حوصر أشرف عليهم، فقال : أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من حفر بئر رومة فله الجنة " فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال : " من جهز جيش العسرة فله الجنة "، فجهزتهم، فصدقوه بما قال .
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان.

وعن عثمان بن عفان قال : شهِدت الدار حين أَشرف عليه عثمان فقال: ائتوني بصاحِبَيكمُ اللَّذَين ألّباكم علي قال فجيء بهما كأنهما جملانِ أو كأنهما حمارانِ قال فأَشرف عليهِم عثمان فقال: أَنشدكم بالله والإسلامِ هل تعلمون أنّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلّم قدم المدينةَ وليس بها ماء يستعذب غير بِئرِ رُومَةَ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلم من يشترِي بِئر رومةَ فيَجعل دَلوَه مع دِلاءِ المُسلِمينَ بخيرٍ له مِنها في الجنَّةِ فاشتَرَيتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنَعوني أنْ أشرب منها حتى أشرب من ماء البحرِ قالوا: اللهم نعم، فقال: أَنشدكم بالله والإسلامِ هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهلِه فقال رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم من يشتري بقعةَ آلِ فُلانٍ فيَزِيدَها في المسجِدِ بخيرٍ له منها في الجنّة فاشتريتها مِن صلبِ مالِي وأنتم اليوم تمنعوني أن أُصلِّي فيها ركعتينِ، قالوا: اللهم نعم، قال: أَنشدكم بالله وبالإسلامِ هل تعلَمون أنِّي جهزت جيش العسرة من مالي، قالوا: اللهم نعم، قال: أَنشدكم بالله والإسلامِ هل تعلمون أن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان على ثَبِيرِ مكةَ ومعه أبو بكرٍ وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى تساقطَت حجارته بالحضيض قال فركضه برِجله فقال اسكن ثبِير فإنما عليكَ نبي وصديق وشهيدانِ، قالوا: اللهم نعم، قال: الله أكبر شهِدوا لي ورب الكعبةِ أني شهيدٌ ثلاثًا
من سنن الترمذي

الزيارات:
قصة عمر بن الخطاب وإمرأة عجوز

مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متخفيا ليتعرف أخبار رعيته فرأى عجوزا فسلم عليها وقال لها ما فعل عمر؟
قالت : لا جزاه الله عني خيرا.
قال : ولم ؟
قالت : لأنه - والله - ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين دينار ولا درهم
فقال لها : وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟
قالت : سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحدا يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.
فبكى عمر ثم قال: وا عمراه ! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها: يا أمة الله ، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار
قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله
فقال لها : لست بهزاء.... ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارا
وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا : السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوأتاه أشتمت أمير المؤمنين في وجهه !
فقال لها عمر : لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد ، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا، فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء " وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال :
( إذا أنا مت فاجعله في كفني ، ألقى به ربي)

الزيارات:
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ

عن خُويلةَ بنتِ ثعلبةَ قالت: فيَّ واللهِ وفي أوسِ بنِ الصَّامتِ أنزَل اللهُ جلَّ وعلا صدرَ سورةِ المجادلةِ قالت: كُنْتُ عندَه وكان شيخًا كبيرا قد ساء خلُقُه وضجِر قالت : فدخَل علَيَّ يومًا فراجَعْتُه في شيءٍ فغضِب وقال: أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي ثم خرَج فجلس في نادي قومِه ساعة ثم دخَل عليَّ فإذا هو يُريدُني على نفسي قالت: قُلْتُ: كلَّا والَّذي نفسُ خُويلةَ بيدِه لا تخلُصُ إليَّ وقد قُلْتَ ما قُلْتَ حتَّى يحكُمَ اللهُ ورسولُه فينا بحُكمِه قالت: فواثَبني فامتنَعْتُ منه فغلَبْتُه بما تغلِبُ به المرأةُ الشَّيخَ الضَّعيفَ فألقَيْتُه تحتي ثمَّ خرَجْتُ إلى بعضِ جاراتي فاستعَرْتُ منها ثيابًا ثمَّ خرَجْتُ حتَّى جِئْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجلَسْتُ بينَ يدَيهِ فذكَرْتُ له ما لقيتُ منه فجعَلْتُ أشكو إليه ما ألقى مِن سوءِ خُلُقِه قالت : فجعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : (يا خُوَيلةُ ابنُ عمِّكِ شيخٌ كبيرٌ فاتَّقي اللهَ فيه) قالت: فواللهِ ما برِحْتُ حتَّى نزَل القرآنُ فتغشَّى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما كان يغشاه ثمَّ سُرِّي عنه فقال: (يا خُويلةُ قد أنزَل اللهُ جلَّ وعلا فيكِ وفي صاحبِك) قالت : ثمَّ قرَأ عليَّ : ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة: 1] إلى قولِه: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 4] فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مُرِيه فلْيُعتِقْ رقبةً
قالت: وقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ ما عندَه ما يُعتِقُ
قال: فلْيصُمْ شهرينِ مُتتابعينِ
قالت: فقُلْتُ: واللهِ يا رسولَ اللهِ إنَّه شيخٌ كبيرٌ ما به مِن صيامٍ
قال: فلْيُطعِمْ ستِّينَ مسكينًا وَسْقًا مِن تمرٍ
فقُلْتُ: واللهِ يا رسولَ اللهِ ما ذلك عندَه
قالت : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فإنَّا سنُعينُه بعَرَقٍ مِن تمرٍ
قالت: فقُلْتُ: وأنا يا رسولَ اللهِ سأُعينُه بعَرَقٍ آخَرَ
فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أصَبْتِ وأحسَنْتِ فاذهَبي فتصدَّقي به عنه ثمَّ استوصي بابنِ عمِّكِ خيرًا
 قالت: ففعَلْتُ
صحيح ابن حبان

عن عائشة أم المؤمنين: تبارَكَ الَّذي وسِعَ سمعُهُ كلَّ شيءٍ، إنِّي لأسمعُ كلامَ خَولةَ بنتِ ثَعلبةَ ويخفَى علَيَّ بعضُهُ، وَهيَ تشتَكي زَوجَها إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وَهيَ تقولُ : يا رسولَ اللَّهِ، أَكَلَ شَبابي، ونثرتُ لَهُ بَطني، حتَّى إذا كبُرَتْ سِنِّي، وانقطعَ ولَدي، ظاهرَ منِّي، اللَّهمَّ إنِّي أشكو إليكَ، فما برِحَتْ حتَّى نزلَ جِبرائيلُ بِهَؤلاءِ الآياتِ : ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ
صحيح ابن ماجه


الزيارات:
قصة أصحاب السبت

موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البقرة. كما ورد ذكرها بتفصيل أكثر في سورة الأعراف الآيات 163-166.
قال الله تعالى، في سورة "الأعراف":
﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾.
وقال تعالى في سورة "البقرة": ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾.
وقال تعالى في سورة "النساء":
﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا
القصة:
أبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون في قرية ساحلية اختلف المفسّرون في اسمها، ودار حولها جدل كثير، أما القرآن الكريم فلا يذكر الاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها.
وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله، فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة.
وجرت سنّة الله في خلقه وحان موعد الاختبار والابتلاء، اختبار لمدى صبرهم واتباعهم لشرع الله وابتلاء يخرجون بعده أقوى عزما، وأشد إرادة تتربى نفوسهم فيه على ترك الجشع والطمع، والصمود أمام المغريات.
لقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها، ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع.
فانهارت عزائم فرقة من القوم، واحتالوا الحيل –على شيمة اليهود- وبدوا بالصيد يوم السبت، لم يصطادوا السمك مباشرة وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد. كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم
فانقسم أهل القرية لثلاث فرق، فرقة عاصية، تصطاد بالحيلة، وفرقة لا تعصي الله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله، وفرقة ثالثة سلبية، لا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المكر.
وكانت الفرقة الثالثة، تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم فلا جدة من تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته.
وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة؛ وربما تفيد هذه الكلمات فيعودون إلى رشدهم، ويتركون عصيانهم.
بعدما استكبر العصاة المحتالون، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم، جاء أمر الله، وحل بالعصاة العذاب، لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أما الفرقة الثالثة التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المنكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها. يقول سيّد قطب رحمه الله: "ربما تهوينا لشأنها - وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب- إذ أنها قعدت عن الإنكار الإيجابي، ووقفت عند حدود الإنكار السلبي فاستحقتا لإهمال وإن لم تستحق العذاب" (في ظلال القرآن).
لقد كان العذاب شديدا، لقد مسخهم الله وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.
وتحكي بعض الروايات أن الناهون أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد، فتعجبوا وذهبوا لينظرون ما الأمر. فوجودا المعتدين وقد أصبحوا قردة، فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة؛ فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي فيقول: ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم.
الروايات في هذا الشأن كثيرة، ولم تصح الكثير من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها. لذا نتوقف هنا دون الخوض في مصير القردة، وكيف عاشوا حياتهم بعد خسفهم.

الزيارات:
محمد (ص) في التوراة و الإنجيل

قوله تعالى ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون﴾ سورة الأعراف - الآية 157
 فيه عشر مسائل :
الأولى : روى يحيى بن أبي كثير عن نوف البكالي الحميري : لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قال الله تعالى لموسى : أنا أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا تصلون حيث أدركتكم الصلاة إلا عند مرحاض أو حمام أو قبر، وأجعل السكينة في قلوبكم، وأجعلكم تقرءون التوراة عن ظهر قلوبكم، يقرؤها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير.
فقال ذلك موسى لقومه، فقالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس، ولا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا، ونريد أن تكون كما كانت في التابوت، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهر قلوبنا، ولا نريد أن نقرأها إلا نظرا. فقال الله تعالى :﴿فسأكتبها للذين يتقون﴾ إلى قوله ﴿المفلحون﴾ فجعلها لهذه الأمة.
فقال موسى : يا رب، اجعلني نبيهم.
فقال : نبيهم منهم .
قال : رب اجعلني منهم.
قال : إنك لن تدركهم.
فقال موسى : يا رب، أتيتك بوفد بني إسرائيل، فجعلت وفادتنا لغيرنا.
فأنزل الله عز وجل : ﴿ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾ فرضي موسى.
قال نوف : فاحمدوا الله الذي جعل وفادة بني إسرائيل لكم، وذكر أبو نعيم أيضا هذه القصة من حديث الأوزاعي قال : حدثنا يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال حدثني نوف البكالي إذا افتتح موعظة قال : ألا تحمدون ربكم الذي حفظ غيبتكم وأخذ لكم بعد سهمكم وجعل وفادة القوم لكم. وذلك أن موسى عليه السلام وفد ببني إسرائيل فقال الله لهم : إني قد جعلت لكم الأرض مسجدا حيثما صليتم فيها تقبلت صلاتكم إلا في ثلاثة مواطن من صلى فيهن لم أقبل صلاته المقبرة والحمام والمرحاض.
قالوا : لا، إلا في الكنيسة.
قال : وجعلت لكم التراب طهورا إذا لم تجدوا الماء.
قالوا : لا، إلا بالماء.
قال : وجعلت لكم حيثما صلى الرجل فكان وحده تقبلت صلاته.
قالوا : لا، إلا في جماعة.
الثانية : قوله تعالى ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي﴾ هذه الألفاظ كما ذكرنا أخرجت اليهود والنصارى من الاشتراك الذي يظهر في قوله : فسأكتبها للذين يتقون وخلصت هذه العدة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم; قاله ابن عباس وابن جبير وغيرهما.
و يتبعون يعني في شرعه ودينه وما جاء به، والرسول والنبي صلى الله عليه وسلم اسمان لمعنيين; فإن الرسول أخص من النبي.
وقدم الرسول اهتماما بمعنى الرسالة، وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم; ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على البراء حين قال : وبرسولك الذي أرسلت. فقال له : قل آمنت بنبيك الذي أرسلت اخرجه في الصحيح .
وعلى هذا فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا; لأن الرسول والنبي قد اشتركا في أمر عام وهو النبأ، وافترقا في أمر خاص وهي الرسالة. فإذا قلت : محمد رسول من عند الله تضمن ذلك أنه نبي ورسول الله. وكذلك غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
الثالثة : قوله تعالى : الأمي هو منسوب إلى الأمة الأمية، التي هي على أصل ولادتها، لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها ; قاله ابن عزيز. وقال ابن عباس رضي الله عنه : كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب ; قال الله تعالى :﴿وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك﴾.
وروي في الصحيح عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب. الحديث .
وقيل : نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة أم القرى ; ذكره النحاس.
الرابعة : قوله تعالى :﴿الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل﴾ روى البخاري قال : حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا فليح قال حدثنا هلال عن عطاء بن يسار لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة. فقال : أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن :يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.
الخامسة : قوله تعالى﴿ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر﴾ قال عطاء : يأمرهم بالمعروف بخلع الأنداد، ومكارم الأخلاق، وصلة الأرحام، وينهاهم عن المنكر عبادة الأصنام، وقطع الأرحام.
السادسة : قوله تعالى ﴿ويحل لهم الطيبات﴾ مذهب مالك أن الطيبات هي المحللات; فكأنه وصفها بالطيب; إذ هي لفظة تتضمن مدحا وتشريفا. وبحسب هذا نقول في الخبائث : إنها المحرمات; ولذلك قال ابن عباس : الخبائث هي لحم الخنزير والربا وغيره. وعلى هذا حلل مالك المتقذرات كالحيات والعقارب والخنافس ونحوها. ومذهب الشافعي رحمه الله أن الطيبات هي من جهة الطعم; إلا أن اللفظة عنده ليست على عمومها; لأن عمومها بهذا الوجه من الطعم يقتضي تحليل الخمر والخنزير، بل يراها مختصة فيما حلله الشرع. ويرى الخبائث لفظا عاما في المحرمات بالشرع وفي المتقذرات; فيحرم العقارب والخنافس والوزغ وما جرى هذا المجرى. والناس على هذين القولين، وقد تقدم في " البقرة " هذا المعنى .
السابعة : قوله تعالى ﴿ويضع عنهم إصرهم﴾ الإصر : الثقل; قاله مجاهد وقتادة وابن جبير.
والإصر أيضا : العهد; قاله ابن عباس والضحاك والحسن، وقد جمعت هذه الآية المعنيين، فإن بني إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال; فوضع عنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ذلك العهد وثقل تلك الأعمال; كغسل البول، وتحليل الغنائم، ومجالسة الحائض ومؤاكلتها ومضاجعتها; فإنهم كانوا إذا أصاب ثوب أحدهم بول قرضه. وروي : جلد أحدهم، وإذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السماء فأكلتها، وإذا حاضت المرأة لم يقربوها، إلى غير ذلك مما ثبت في الحديث الصحيح وغيره.
الثامنة : قوله تعالى ﴿والأغلال التي كانت عليهم﴾ فالأغلال عبارة مستعارة لتلك الأثقال، ومن الأثقال ترك الاشتغال يوم السبت; فإنه يروى أن موسى عليه السلام رأى يوم السبت رجلا يحمل قصبا فضرب عنقه، هذا قول جمهور المفسرين.
ولم يكن فيهم الدية، وإنما كان القصاص، وأمروا بقتل أنفسهم علامة لتوبتهم، إلى غير ذلك، فشبه ذلك بالأغلال.
التاسعة : إن قيل : كيف عطف الأغلال وهو جمع على الإصر وهو مفرد; فالجواب أن الإصر مصدر يقع على الكثرة، وقرأ ابن عامر(آصارهم) بالجمع; مثل أعمالهم. فجمعه لاختلاف ضروب المآثم، والباقون بالتوحيد; لأنه مصدر يقع على القليل والكثير من جنسه مع إفراد لفظه. وقد أجمعوا على التوحيد في قوله : ولا تحمل علينا إصرا وهكذا كلما يرد عليك من هذا المعنى; مثل وعلى سمعهم لا يرتد إليهم طرفهم ومن طرف خفي كله بمعنى الجمع.
العاشرة : ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه أي وقروه ونصروه﴾. قال الأخفش : وقرأ الجحدري وعيسى ﴿وعزروه﴾ بالتخفيف. وكذا ﴿وعزرتموهم﴾. يقال : عزره يعزره ويعزره.